Tuesday 16 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
 
مقالات
 
("الأهرام"، القاهرة) ألغام الحرب العالمية الثانية في مصر  
كانون الأول (ديسمبر) 2002 / عدد 57
 تمثل الألغام الأرضية في صحراء مصر الغربية قيداً صارخاً على جهود تنمية هذا "الجزء الواعد في أرض مصر"، كما تصفه وزيرة الدولة للشؤون الخارجية فايزة أبوالنجا. فوجود نحو 23 مليون لغم، منها 17 مليوناً في الصحراء الغربية، يشكل عائقاً كبيراً أمام استغلال الثروات التي تحويها هذه المنطقة، ومنها الثروات المائية والزراعية والبيئية والسياحية والتعدينية.
ومن أجل تحقيق هدفي الازالة والتنمية، شكلت الحكومة "اللجنة القومية للاشراف على إزالة الالغام وتنمية الساحل الشمالي الغربي وظهيره الصحراوي" برئاسة الوزيرة أبوالنجا. وتضم اللجنة في عضويتها ممثلي الوزارات والهيئات والمحافظات المعنية، وممثلين عن منظمات غير حكومية. وهي تستعد لتقديم تقرير شامل الى مجلس الوزراء تضمن خطة إزالة الألغام، ومشروعات تنمية هذه المنطقة، ودور كل من القطاع الخاص والمجتمع المدني والدولي. وقدرت اللجنة كلفة تنفيذ الخطة بنحو 15 بليون جنيه (3,3 بليون دولار) حتى سنة 2007، تصل الى 63 بليون جنيه (13,5 بليون دولار) حتى سنة 2022. ومن المقرر أن تصل نسبة إسهام القطاع الخاص في التمويل الى 70 في المئة. ويؤمل مباشرة التنفيذ مع بداية سنة 2003.
وعلى رغم المسؤولية القانونية للدول التي زرعت الألغام، ركزت الحكومة واللجنة على الاتصالات الديبلوماسية، باعتبار أن الهدف هو تحقيق فائدة للبلاد وليس الدخول في نزاع قانوني مع هذه الدول، خاصة وأن المشكلة عمرها ستون عاماً.
الألغام تمثل عائقاً كبيراً أمام عملية التنمية في هذه المنطقة الغنية بالموارد المائية والزراعية والمعدنية والسياحية والتي تثمل 20 في المئة من مساحة مصر. تقول الوزيرة فايزة أبوالنجا: "يكفي أن نعلم اننا إذا استطعنا تطهير هذه المنطقة فاننا نستطيع زراعة 148 ألف فدان قمح، واستخراج ثروات معدنية تكفي استهلاك مصر وتصدير الباقي الى الأسواق الخارجية، وإنتاج حاصلات زراعية عضوية تعد السوق الأوروبية سوقاً رئيسية لها كونها تمنع استيراد المنتجات الزراعية المعدلة جينياً، لا سيما ومصر تستعد لتنفيذ اتفاق المشاركة مع الاتحاد الأوروبي".
ولئن تكن الأمم المتحدة والدول الصديقة وتلك التي زرعت الألغام في الأراضي المصرية أبدت استعداداً للاسهام في إزالتها، لكنها لا تهتم كثيراً بتكنولوجيا نزعها، الى جانب أن العوامل الجوية تجعل تحديد أماكن الألغام صعباً برغم وجود الخرائط. وقد أنشأت الأمم المتحدة صندوقاً لتجميع إسهامات الدول الراغبة في المساعدة على إزالة الألغام. وللدعم شقان: مالي وفني.
يقول حسن أحمد عمر، خبير القانون الدولي، ان المشكلة عمرها ستون عاماً، وقد حدث تأخير في التعامل معها، والدول التي زرعت الألغام لن تعترف بأي مسؤولية، "وعلينا أن نكون صريحين مع أنفسنا ونفكر جيداً في الوسائل الديبلوماسية كونها الأكثر جدوى وفاعلية". واقترح أن تدعو اللجنة القومية للاشراف على نزع الألغام الأمم المتحدة والدول المعنية الى اجتماع وزاري في مصر، يعقد في مكتبة الاسكندرية على مقربة من موقع أكبر حقول الالغام في العالم، لبحث الدعم والتسهيلات التي يمكن أن تقدمها في إطار العلاقات الودية وليس في إطار نزاع قانوني. كما قدم اقتراحاً آخر بتنفيذ مشروع منخفض القطارة، مع إزالة الألغام، قائلاً: "يجب الاستفادة من خبرات القوات المسلحة ودورها البطولي في حرب اكتوبر 1973 في إزالة خط بارليف بخراطيم المياه. واذا تم تنفيذ مثل هذا المشروع، فان مياه البحر المتوسط ستغمر منطقة الألغام التي ستطفو على السطح مما يجعل قطفها أسهل".
وقد تجاوبت أطراف دولية عديدة أبدت استعداداً للمساهمة في نزع الألغام. فأعلنت ألمانيا حرصها على التعاون، وأرسلت 110 معدات لكشف الألغام وإزالتها وخرائط عسكرية استخدمت في زرع الألغام في الصحراء الغربية، معترفة بأن هناك صعوبات رغم الخرائط بسبب تغير ملامح المنطقة. ووافقت ألمانيا على المشاركة في خطة تطهير الصحراء الغربية من خلال الأمم المتحدة، وعلى إقامة مشروعات تنموية فيها. وأكدت بريطانيا أنها تساهم في ازالة الألغام في العديد من دول العالم تحت مظلة الأمم المتحدة، وتقدم مساهمات مالية سنوية لهذا الغرض، وهي مستعدة للمساهمة في إزالة الألغام في مصر، وقد قدمت خرائط الألغام في الصحراء الغربية.
لكن تظل قضية المسؤولية القانونية لهذه الأطراف التي زرعت الألغام قائمة. فقد استقرت قواعد القانون الدولي على مبدأ أن من قام بعمل تسبب في إلحاق الأذى بالغير يكون مسؤولاً عن إصلاح هذا الضرر وتعويض كل من يتضرر منه. ويقول الدكتور ابراهيم العناني، عميد كلية الحقوق في جامعة عين شمس، إن زرع الألغام عمل غير مشروع لأنه استخدام لنوع من السلاح يلحق الضرر بالآخرين في يومهم ومستقبلهم، والضرر لا يصيب شخصاً أو أشخاصاً يقتلون فحسب، بل يؤدي الى تعطيل عملية تنمية المجتمع وتطوره. لذلك فإن الدول التي زرعت الألغام مسؤولة عن الضرر وإزالته وتعويض المتضررين عن الخسائر البشرية والاقتصادية. وتنفيذ ذلك يفرض تقديم هذه الدول الخرائط الخاصة بنشر الألغام ومعونات فنية ومالية لتمويل عملية الإزالة. ويضيف العناني: "في حالة فشل الوسائل الديبلوماسية، فمن حق مصر أن تلجأ الى الوسائل القانونية ومقاضاة الدول المسؤولة وطلب التعويض كحق قانوني ثابت".
ويشير السفير الدكتور منير زهران، رئيس وفد مصر السابق في المقر الاوروبي للامم المتحدة في جنيف، الى ان هناك العديد من المبادئ والاتفاقيات الدولية التي تدعم حق مصر، بما فيها قرار اللجنة الفرعية لحقوق الانسان في الامم المتحدة الذي يعتبر الالغام تمس الانسان في حياة آمنة وتهديداً للبيئة، وقرار المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية عام 1998 بشأن مسؤولية الدول التي زرعت الألغام عن ازالتها وتقديم تعويض للأشخاص والدول المتضررة من ذلك.
يبقى أن الألغام الأرضية تعد أسوأ الألغام بشاعة، لأنها عشوائية الأثر وتظل رابضة في مكانها وفعالة سنوات طويلة... حتى تنفجر.
محمد عبدالهادي، محمد عثمان، محمود النوبي، دينا كمال ("الأهرام"، القاهرة)
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.