Thursday 25 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
كتاب الطبيعة
 
مستعمرة الطيور  
أذار (مارس) 2002 / عدد 48
 الصور: كريستو بارس
عندما وصل القبطان المستكشف جايمس كوك إلى خليج هوك في جزيرة  نيوزيلندا الشمالية عام 1769، حاول محاربون من شعب الماوري خطف مترجمه التاهيتي. فأطلق على الرأس البحري حيث حدث ذلك اسم رأس كيدنابرز (Cape Kidnappers)، أي رأس الخاطفين.
هناك، على ذلك الرأس، تعشش ألوف من طيور الاطيَش (gannets)، التي يدعوها شعب الماوري "تاكابو". وتألف هذه الطيور عادة  الجزر الصغيرة، ووجودها في رأس كيدنابرز يعتبر استثناء. ويقصد ألوف الزوار سنوياً هذا الرأس الذي أصبح محمية. وهو كان، حتى وقت قصير، المستعمرة  الوحيدة  المعروفة عالمياً لهذه الطيور في البر، قبل نشوء مستعمرة  صغيرة  على أجراف بامبتون في بريطانيا.
هجرة شاقة
هل طيور الأطيش تهاجر؟ لم يكن الجواب مبرماً قبل منتصف القرن العشرين، حين أثبتت تجارب علماء الطيور أنها تهاجر إلى أوستراليا. ومعظم الفراخ التي تنمو في مستعمرة  رأس كيدنابرز لا يتسنى لها التعود على الطيران في الأجواء قبل أن تغادر مستعمرتها. فهي تقطع مسافة 2735 كيلومتراً فوق بحر تسمان العاصف من دون طيران تجريبي وخبرة  سابقة في تحديد الاتجاه، ومن دون أن تتعلم كيف تصطاد طعامها من الأسماك. وقد زود الخالق هذه الكائنات بمدخرات تمكنها من الصمود حتى تصبح قادرة  على إعالة نفسها.
تختلف سرعة طيران هذه الطيور بحسب الظروف المناخية، ويصل بعضها يصل إلى أوستراليا بعد أسبوع أو أسبوعين من مغادرة  الرأس. وفي واحدة  من أسرع رحلات العبور المسجلة، قطعت مسافة 385 كيلومتراً في اليوم، وهو أداء مذهل لطيور عمرها 16 أسبوعاً. وتبين أن معظمها يتجه شمالاً على طول الساحل الشرقي لنيوزيلندا وحول رأس الشمال قبل العبور إلى أوستراليا. كما أنها تسلك طريقاً ثانوية إلى الجنوب عبر مضيق كوك مجتازة  بحر تسمان. وهي تبلغ ساحل نيو ساوث ويلز وفيكتوريا في أوستراليا، وبعضها يصل إلى شمال كوينزلند وبرث في الجنوب الغربي على بعد 5790 كيلومتراً من رأس كيدنابرز. وتعود مجموعة ثالثة إلى رأس كيدنابرز من وراء البحار خلال شهري كانون الأول (ديسمبر) وكانون الثاني (يناير)، وتحط في أسراب على مسافة قصيرة  من منطقة التعشيش.
تظل مستعمرة  طيور الاطيش في رأس كيدنابرز خالية من نزلائها من مطلع أيار (مايو) إلى منتصف تموز (يوليو). والمعالم الوحيدة  التي تبقى ماثلة وسط هذا الفراغ الكبير صفوف الأعشاش التي تفصل بينها مسافات منتظمة. وتتآكل هذه الأعشاش بفعل العوامل الطبيعية ولا يبقى للطيور العائدة  إلا تلك المبنية وسط المستعمرة. ويعتقد أن هذه الطيور ترتبط بعلاقة زوجية تدوم مدى الحياة، ويعود كل زوجين إلى موقع عشهما كل سنة. وبعد اكتمال القمر في تموز (يوليو)، تعود الذكور إلى مواقع أعشاشها، وتنضم إليها إناثها في وقت لاحق. وتبدأ الأزواج التي تصل أولاً بجمع مواد التعشيش في منتصف آب (أغسطس). وتتعرض هذه المواد للسرقة، خصوصاً إذا كانت الطيور حديثة العهد وقليلة الخبرة أو إذا أهملت حراسة أعشاشها. وتشاهد خلال هذا الموسم طيور جاثمة على أطراف منطقة التعشيش. أنها أطايش صغيرة  السن، عادت من أوستراليا خلال السنتين أو الثلاث السابقة ولم تحدد بعد مواقع تعشيش دائمة. ويعتقد علماء الطيور أنها بجثومها هناك تؤكد حقها في موقع، تمهيداً لإقامة أعشاشها في تلك السنة أو في السنة التالية.
عروض غزلية
تقوم بعض طيور الاطيش بتزاوج تجريبي، حتى أنها قد تبني عشاً أولياً، ومنها ما يضع بيضة أحياناً. ويبدأ التعشيش عادة  عندما تبلغ الطيور السنة الخامسة وينمو ريشها كاملاً. وتؤكد الذكور حقها في موقع لها و"تمتلك" العش. لكن محاولات التعشيش الأولى لا تتكلل دائماً بالنجاح، بسبب قلة الخبرة  والمضايقات التي تسبها طيور أخرى أو زائرون يقتربون أكثر من اللزوم.
طيور الأطيش تهوى العزلة والانفراد، ويعتقد أنها تعشش بأعداد كبيرة  لتحمي نفسها من الأعداء الطبيعيين. ويحدد المسافة بين الأعشاش المدى الذي تبلغه مناقير الطيور فيها. فهي تهاجم أي جسم أو طائر يشرد نحو موقعها. ومع تقدم الموسم، فان العش الذي يكون بدايةً في شكل كتلة داكنة من الأعشاب والنباتات البحرية المتشابكة، يصبح أكثر تماسكاً وترابطاً بسبب البراز الذي تقذفه الطيور وفراخها إلى الخارج.
تصاحب عملية التزاوج عروض غزلية مميزة. وتضع الإناث بيضها بعد أسبوعين أو ثلاثة من عملية الإخصاب، بدءاً من أواخر أيلول (سبتمبر). لكن معظم البيض يوضع في تشرين الأول (أكتوبر). وتضع الأنثى بيضة واحدة  عادة، لكن إذا فسدت أو انكسرت قبل كانون الثاني (يناير) فقد تضع بيضة أخرى. ويتناوب الذكر والأنثى على احتضان البيضة. وبعد 43 أو 44 يوماً تظهر فيها فجوة، وخلال 24-36 ساعة يخرج منها فرخ صغير عار. ويجدّ الزوجان في إحضار الطعام لإشباع نهم وليدهما. وفيما يتولى أحدهما حراسته، يتوجه الآخر إلى البحر لجلب الطعام.
تطعم طيور الاطيش فراخها وهي صغيرة  جداً "معجوناً" ناعماً شبه سائل، ومن ثم تطعمها أسماكاً كاملة بعد أن تنمو وتكبر. وبعد 40 يوماً يصبح وزن الفراخ مماثلاً تقريباً لوزن الطائر البالغ، أي نحو كيلوغرامين في المتوسط، مع مدى جناحين يقارب المترين. ويمكن رؤية الفراخ في جميع مراحل النمو من أواخر كانون الأول (ديسمبر) إلى أواخر شباط (فبراير). وخلال الشهر التالي تقل رغبة الوالدين في إطعام صغيرهما، وقد يهجرانه لفترات طويلة. وعندئذ تتجمع الصغار على حافة الجرف وتأخذ في تمرين أجنحتهما على الطيران استعداداً للرحلة إلى أوستراليا عندما يصبح عمرها أربعة أشهر.
رغم بلادة  طائر الاطيش على اليابسة، فهو سرعان ما يتحول إلى طائر رشيق سريع الحركة في الهواء. وعندما يرصد سمكة في الماء ينقض عليها بسرعة 145 كيلومتراً في الساعة من علو يصل إلى 30 متراً، ما يمكنه من التقاطها على عمق ثلاثة أرباع المتر أو أكثر. ويستدل الصيادون المحليون من طيور الاطيش الغاطسة على وجود أسماك في المياه الضحلة مما يبشر بصيد وفير.
في منتصف آذار (مارس) يتضاءل عدد الطيور في مكان التعشيش. وفي منتصف  نيسان (ابريل) تصبح المستعمرة  شبه مهجورة ، إذ لا يبقى فيها إلا بعض الطيور البالغة  تطوف بين الأعشاش الخالية. وهكذا تتوالى دورة  الحياة  سنة بعد أخرى في محمية رأس كيدنابرز، التي تبقى مقفلة أمام الزائرين من أول تموز (يوليو) حتى يوم الأربعاء الذي يسبق عيد العمل من كل سنة.
تعشش ألوف من طيور الاطيش على رأس كيدنابرز أي رأس الخاطفين
طير الاطيش هجرة شاقة
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.