Tuesday 16 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
 
مقالات
 
فاضل البدراني (بغداد) ما مصير سكان قرية الاشعاع النووي؟  
حزيران (يونيو) 2005 / عدد 87
 في قرية الريحانية العراقية قرب الموصل منشأة عسكرية ملوثة باشعاعات اليورانيوم، هي والتربة حولها والمياه المارة فيها. ورغم التحذيرات الرسمية بالاخلاء، ما زالت عشرات العائلات تقطن في أبنية المنشأة والأراضي المحاذية لها حيث طمرت مخلفات مشعة تم نبشها. "البيئة والتنمية" أوفدت مراسلها الى هناك.
تراجع الاهتمام بالتلوث الاشعاعي في العراق في الآونة الأخيرة، لعدم استقرار البلد أمنياً وسياسياً. ويرجع هذا التلوث الى نحو 14 عاماً، منذ حرب الخليج الثانية عام 1991 حين استخدمت القوات الأميركية والبريطانية ذخيرة اليورانيوم المستنفد في قصف القوات والمنشآت العراقية. والأضرار الناجمة صحية وبيئية، راهنة ومستقبلية، على العراق ودول الخليج.
الخطر ماثل بشكل خاص على أبناء العراق الذين يسكنون المناطق المحاذية لبعض المنشآت النووية والمواقع العسكرية السابقة. وأخيراً ظهرت المخاطر على أبناء محافظة نينوى، وتحديداً في قرية الريحانية التي تبعد عن الموصل 15 كيلومتراً، حيث كانت المنشأة العامة للعمليات الاستخراجية التابعة لهيئة التصنيع العسكري (سابقاً)، والتي استخدمت مواد ملوثة يدخل اليورانيوم في بعضها. وقد خضعت المنشأة للتفتيش من الفرق الخاصة للأمم المتحدة في تسعينات القرن الماضي، وعلى أثر ذلك منع إكمال برنامج العمل فيها وسحبت المواد الأولية والمعدات الظاهرة، وطمرت داخل حفرة كبيرة في منطقة أجبلة قرب قرية العداية، وفق الشروط الصحية لطمر المواد الحاوية إشعاع اليورانيوم.
وذات يوم جاء أحد الأشخاص مدعياً أنه مقاول، لاستخراج المواد المطمورة، وكان معه تصريح من قوات الاحتلال يخوله ذلك. لكن المسؤولين والأهالي في ناحية المحلبية منعوه من استخراج هذه المخلفات. وبعد مدة جاء مرة أخرى ومعه موافقة من المحافظة تنص على المباشرة في استخراج هذه المخلفات وتسهيل مهمته. وبدأ العمل الذي دام ما يقارب شهراً ونصف شهر، بقيت مخلفات الحفر بعدها متروكة ومكشوفة. التربة تفاعلت مع هذه المخلفات فأصبحت ملوثة. وتعرضت المنشأة للسلب والنهب، وما زالت الى يومنا هذا، حيث ذكر مراسلون صحافيون وجود ورشة عمل قوامها خمسة أشخاص ومعهم معدات تلحيم بالأوكسيجين ومثقاب (كومبريسور) وشاحنة وسيارة "جيب"، وهم يقومون بهدم الأبنية واستخراج الحديد منها، وكذلك استخراج المجاري الخاصة بنقل مخلفات المنشأة. وقال شاهد عيان ان في المنشأة غرفة مقفلة باحكام وضعت على بابها علامة جمجمة دلالة على الخطر. وقد قام أحد الأشخاص بخلع الباب واقتحم الغرفة واستخرج محتوياتها. وما يثير القلق هنا تسرب هذه المواد الى الأسواق المحلية، والخوف الشديد من تأثر 15 عائلة تقطن هذه الأبنية بالتلوث الاشعاعي، ومعها حيوانات داجنة كالأغنام والأبقار والدجاج.
ويصر بعض أهالي قرية الريحانية على الانتقال للعيش في أبنية المنشأة الملغاة، بحجة أن هذه الأراضي كانت أراضيهم وقد استولت الحكومة عليها آنذاك. وقال بعض الساكنين في تلك الأبنية ان مدير المنشأة السابق جاء بصحبة لجنة من بغداد لزيارة الموقع، وأخذوا معهم بعض العينات من حليب بقر وغنم وماء ودجاج، وكان بحوزتهم جهاز فحص. وقد حذرت اللجنة السكان من الذهاب الى منطقة تدعى Zero تقع على سفح التل، علماً أن عدة عائلات ما زالت تقطن هناك.
التقت "البيئة والتنمية" أحد السكان، ويدعى "أبو بنيان"، وسألته عن مدى معرفته بمخاطر السكن في هذه المنطقة. فأجاب انه سمع بالتحذير، وأنه يسكن هناك منذ سنة تقريباً ولم يحدث له ولا لعائلته أي ضرر.
سالم عثمان أيوب، مدير بيئة محافظة نينوى، أكد لـ"البيئة والتنمية" تلوث المناطق المذكورة بالاشعاع وأنها تمثل كارثة صحية وبيئية، مضيفاً: "أرسلنا لجاناً للفحص، وأظهرت النتائج وجود تلوث يشمل أبنية المنشأة والأراضي التي حولها بما فيها من مياه تمر عبرها". وحول الاجراءات التي اتخذت، قال ان ادارته جهة فنية لا تنفيذية، ومهمتها إبداء الرأي الفني وإعداد التوصيات، و"قد أرسلنا تلك التوصيات الى الوزارة والى المحافظة، وهي تنص على ضرورة إعادة طمر المواد والمخلفات التي تم استخراجها من منطقة أجبلة في قرية العداية، ووضع أسلاك شائكة حول المناطق المذكورة، ووضع علامات تحذير، وإخراج العائلات من تلك المباني". وأكد أن الطريقة المثلى لمعالجة الكارثة هي "هدم الأبنية وإعادة طمرها صحياً".
والتقت "البيئة والتنمية" أحد الاختصاصيين في مستشفى الأورام والطب النووي، وهو آثر عدم ذكر اسمه، فقال إن خطر الاشعاع لا يكون آنياً، وانما تظهر أعراضه بعد خمس أو ست سنوات من التعرض فترات طويلة للاشعاع. يتحرر اليورانيوم المستنفد وتتحول طاقته الحركية الى حرارية وتنتج دقائق عالقة بتركيز عالٍ، ويدخل جسم الانسان بطرق الاستنشاق، أو عن طريق الجهاز الهضمي من الماء والأغذية، وتدخل الجسم عند تناولها ويكون تأثيرها مضاعفاً سمياً، أو عن طريق الجلد، مهيئاً الخلايا للتحول الى خلايا سرطانية. وتلعب الرياح دوراً كبيراً ومؤثراً، فكلما كانت قوية وسريعة ساعدت في انتشار التلوث الاشعاعي الصحي والبيئي. وتبدأ الأعراض المرضية بالخمول، وفقدان السيطرة على الجسم، والاسهال، وألم في الأعضاء والعضلات المختلفة، واحتراق الجلد، وسقوط الشعر والأسنان، وفقدان الذاكرة. كما أن للاشعاع تأثيراً جينياً قد يسبب طفرة وراثية (mutation) وتلفاً في الخلايا التناسلية وتشوهات خلقية.
لقد كان العراق حقل تجارب لأسلحة دمار دائم. فمتى يقرّ العالم بخطورة التلوث الاشعاعي فيه؟ وهل تتحمل القوى التي قصفت أرض العراق باليورانيوم المستنفد مسؤولية التطهير والتعويض؟
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
باتر وردم (عمان) خصخصة المياه
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.