بات لدى ملايين المزارعين الفقراء من سكان المناطق الأشد تأثراً بالمناخ في منطقة الساحل سبب يدفعهم للأمل اليوم نتيجة دعم حكوماتهم لتسريع مبادرة الجدار الأخضر العظيم في أفريقيا، والتي تغطي منطقة تشمل 11 بلداً وتمتد من السنغال ومالي غرباً إلى إثيوبيا وجيبوتي شرقاً. ومن المزمع إطلاق برنامج استثماري جديد لدعم حكومات منطقة الساحل عبر شراكة بين الصندوق الأخضر للمناخ والصندوق الدولي للتنمية الزراعية بهدف تعزيز تمويل المناخ لصالح هذه الفئات السكانية الريفية.
وبناء على طلب قدمه وزراء منطقة الساحل في أيلول (سبتمبر) 2020، سيقدم الصندوق والكيانات الأخرى المعتمدة لدى الصندوق الأخضر للمناخ مشروعات لينظر مجلس الصندوق الأخضر للمناخ في إمكانية تمويلها، وذلك في إطار البرنامج الجامع الجديد لمبادرة الجدار الأخضر العظيم. وسيقود الصندوق عملية إعداد البرنامج وسيضمن تنسيقه مع الشركاء الآخرين. وتهدف أنشطة المشروع إلى استعادة النظم الإيكولوجية والتصدي للقضايا المترابطة والمتمثلة في تغيُّر المناخ، وتهيئة فرص العمل، والتخفيف من وطأة الفقر، والأمن الغذائي وإحلال السلام.
ويشير المدير التنفيذي للصندوق الأخضر للمناخ، السيد Yannick Glemarec، إلى أن "الصندوق الأخضر للمناخ ملتزم بتوسيع نطاق جهود بلدان منطقة الساحل الرامية إلى بناء الجدار الأخضر العظيم وتطويره، ومكافحة آثار الجفاف، وإزالة الغابات وتغيُّر المناخ. وسيدفع هذا البرنامج الابتكاري، مع تركيزه الموسع على تعزيز سلاسل القيمة الزراعية المستدامة في جميع أنحاء المنطقة وزيادة استثمار القطاع الخاص في أشكال الطاقة المتجددة اللامركزية، عجلة التكيُّف مع تغيُّر المناخ وقدرة ملايين الأشخاص على الصمود، فضلاً عن دعمه للنظم الإيكولوجية المحلية والتنوع البيولوجي".
ويقول السيد جيلبير أنغبو، رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وهو وكالة الأمم المتحدة المكرسة للقضاء على الفقر والجوع في المناطق الريفية: "إن الصندوق مصمم على مساعدة السكان الريفيين في منطقة الساحل على بناء حياة كريمة. ويؤدي تعزيز القدرة على الصمود في وجه تغيُّر المناخ، والتنوع البيولوجي، والأراضي الرعوية الأكثر خضرة والصالحة للزراعة، إلى تحسين الأمن الغذائي، ورفع مستوى الدخل، والحد من الهجرة وزيادة الاستقرار. ونحن سعداء بإتاحة 40 عاماً من الخبرة للعمل مع الشركاء من أجل إنجاح مبادرة الجدار الأخضر العظيم".
وعلى الرغم من كون الصندوق شريكاً جديداً في مبادرة الجدار الأخضر العظيم، إلا أنه يجلب 40 عاماً من الخبرة في العمل مع السكان الريفيين الضعفاء في منطقة الساحل، بالإضافة إلى سجل حافل بتخضير أجزاء مختلفة منها، وتصل قيمة استثماراته الجارية في منطقة الجدار الأخضر العظيم إلى 480 مليون دولار أميركي. وبغية توسيع نطاق هذه الجهود، سيقدم الصندوق وغيره من الكيانات المعتمدة لدى الصندوق الأخضر للمناخ أيضاً مشروعات وبرامج إلى مجلس الصندوق الأخضر للمناخ، وستهدف جميعها إلى حشد ما يصل مجموعه إلى 1 بليون دولار أميركي من الموارد متعددة الشركاء لصالح مبادرة الجدار الأخضر العظيم خلال عامي 2021 و2022.
ويعد تغيُّر المناخ أحد محركات الجوع. وفي منطقة الساحل، يعاني سكان الريف الذين يعتمدون على الزراعة البعلية والرعي بالفعل من ارتفاع درجات حرارة، وتقلص مدة المواسم الممطرة، وزيادة تواتر العواصف التي تلحق الدمار بالمحاصيل والأراضي. وخلال العام الماضي، عانى حوالي 22 في المئة من سكان أفريقيا جنوب الصحراء من الجوع، ويمثل ذلك زيادة تعادل 60 مليون جائع منذ عام 2010. ومع تضاعف عدد السكان بحلول عام 2050، يواجه الملايين من الشباب الريفيين في منطقة الساحل حالة من انعدام اليقين في المستقبل نتيجة تراجع الغلات الزراعية، والنقص الشديد في الاستثمارات وفرص العمل في المناطق الريفية، الأمر الذي يؤجج الهجرة والصراعات الدائرة حول قاعدة هشة من الموارد الطبيعية.
وسيدعم البرنامج الجامع لمبادرة الجدار الأخضر العظيم استعادة الأراضي والإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، وتوسيع نطاق الاستثمارات القائمة التي نفذها شركاء آخرون خلال الأعوام الـ 12 الماضية ضمن مبادرة الجدار الأخضر العظيم. وسيتمكن صغار المزارعين والمشروعات الزراعية من الوصول إلى الأسواق وسلاسل القيمة المعززة بصورة أفضل، مع تهيئة الفرص الاقتصادية والوظائف عبر تطوير البنية التحتية القادرة على الصمود في وجه تغيّر المناخ وتوسيع نطاق استخدام الطاقة الشمسية.
وسيعزز البرنامج الجامع أوجه التآزر بين المشروعات، ويزيد من أثرها، ويضمن التنسيق على صعيد الرصد والتقييم. كما أنه سيدعم بلدان منطقة الساحل في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الخاصة بها على مدى العقد المقبل.
وسيعمل الصندوق والصندوق الأخضر للمناخ بصورة وثيقة مع جميع بلدان ومؤسسات الجدار الأخضر العظيم، ولا سيما اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وهي شريك رئيسي في مبادرة الجدار الأخضر العظيم، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ.
ويقول Ibrahim Thiaw، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر: "يشكل البرنامج الجامع لمبادرة الجدار الأخضر العظيم التابع للصندوق الأخضر للمناخ والصندوق دفعة قوية للمجتمعات الريفية. ولا يعود ذلك إلى استهدافه للمزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة الذين يكافحون لحماية أراضيهم فحسب، وإنما لأنه، من منظور اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، يعد أيضا نوعا من التحفيز الاقتصادي الطموح الذي يمكن أن يساعد في الوقت ذاته في إعادة بناء سبل العيش التي دمرها كوفيد-19 وبناء الأمن الغذائي للأسر التي تواجه أسوأ آثار تغيُّر المناخ".
وتساهم مبادرة البرنامج الجامع لمبادرة الجدار الأخضر العظيم بشكل مباشر في مبادرة تسريع الجدار الأخضر العظيم، وهي مبادرة أوسع تضطلع فرنسا بقيادتها وتسعى إلى تحقيق أهداف مبادرة الجدار الأخضر العظيم بحلول عام 2030.