تواجه السعودية مستقبلاً يُنذر بالخطر في ما يتعلّق بالظروف المناخية المتغيّرة، والتي قد تجعل المنطقة غير صالحة للسكن.
وتشير الدراسات الأخيرة للسعودية، على المدى الطويل، إلى أن ارتفاع درجات الحرارة ومعدلات التبخّر من المرجّح أن تؤدي إلى استنفاد موارد المياه الشحيحة الضرورية لتلبية احتياجات البلاد الزراعية والصناعية والمنزلية، ويمكن أن تعرّض المزيد من أحداث الفيضانات الشديدة الأرواح والحياة الاقتصادية والبنية التحتية للخطر، وقد يؤدي الجمع بين مستويات الحرارة والرطوبة المتزايدة إلى جعل السعودية في النهاية غير صالحة للسكن.
ونظراً للسمات الطبيعية والاصطناعية المميزة للسعودية، من المناظر الطبيعية الساحلية إلى قاع الأنهار والمناطق الزراعية، فإن صانعي القرار الذين يسعون إلى تصميم خطط قابلة للتنفيذ للتكيُّف الإقليمي والمحلي والقدرة على الصمود، سيتطلبون توقعات لمناخ السعودية والظواهر المتطرفة في منطقة مكانية أعلى دقة مما أنتجته الدراسات السابقة.
ولهذه الغاية، استخدم فريق الباحثين من برنامج معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا المشترك لعلوم وسياسة التغيير العالمي ومركز النُظم الهندسية المعقدة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، نهجاً عالي الدقة للنمذجة المناخية الإقليمية، لتوليد توقعات منتصف القرن الحادي والعشرين (2041-2050) في ظل سيناريو انبعاثات عالية وتأثير مناخي مرتفع.
وتحمل توقعات المناخ دقة أفقية (الدقة المكانية للموقع) غير مسبوقة تغطي السعودية بأكملها، وتركز حصرياً على شهري آب (أغسطس) وتشرين الثاني (نوفمبر).
وخلال هذه الأشهر، والتي تمثل، على التوالي، المواسم الجافة والحارة في السعودية، تمت ملاحظة الأحداث المتطرفة بشكل متكرر.
وبتطبيق نهج النمذجة هذا، توقع الفريق زيادة درجات الحرارة بحلول منتصف القرن في جميع أنحاء السعودية، بما في ذلك خمسة مواقع استراتيجية (العاصمة الرياض، مكة والمدينة، والموقع السياحي المستقبلي المحدد في تبوك، وميناء جدة)، في كل من آب (أغسطس) وتشرين الثاني (نوفمبر)، وارتفاع مؤشر الحرارة في آب (أغسطس) (ارتفاع الحرارة والرطوبة) الذي يهدد بشكل خاص قابلية السكن الإقليمي في جدة بسبب تزايد وتيرة أيام مؤشر الحرارة الشديدة.
ووجد الباحثون أيضاً زيادة في شدة وتواتر أحداث هطول الأمطار في آب (أغسطس) بحلول منتصف القرن، ولا سيما على طول الساحل الغربي الجبلي للبلاد، ما يشير إلى إمكانية تجميع المياه، التي يمكن أن تغذي طبقات المياه الجوفية المحلية وتكمل إمدادات المياه في أماكن أخرى، كمنطقة إقليمية استراتيجية التكيُّف مع المناخ لتجنب ندرة المياه في المستقبل.
كما أظهرت التوقعات انخفاضاً كبيراً في معدلات هطول الأمطار في مساحة كبيرة من الصحراء تمتد من الجزء الجنوبي من البلاد المعروف باسم الربع الخالي.
نُشرت الدراسة في مجلة Atmosphere. ويقول ميوج كومورتشو، المؤلف الرئيسي للدراسة وعالم الأبحاث في البرنامج المشترك لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، "كان الهدف من بحثنا هو تسليط الضوء على الاستخدام المحتمل لنهج النمذجة لدينا، ليس فقط لإنشاء توقعات مناخية عالية الدقة تلتقط تأثيرات السمات المكانية المحلية الفريدة، ولكن أيضاً لتمكين الحلول المحلية للتكيُّف مع المناخ والقدرة على الصمود في المنطقة. (عن "phys.org")