بات شاطئ مونيكا القريب من الدار البيضاء، عارياً إلا من كثيب رملي وحيد لم تطله بعد أيادي ما يعرف بـ«مافيا الرمال» التي تنهب رمال السواحل المغربية، بينما يشهد قطاع البناء نمواً مطرداً.
وأشار برنامج الأمم المتحدة للبيئة في تقرير حول الاستغلال المفرط للرمال عبر العالم إلى دور «مافيا الرمال» في اختفاء شواطئ مغربية، في سياق تزايد مشاريع البناء على السواحل. ويكشف التقرير الصادر مطلع أيار (مايو) الماضي أن نصف حجم الرمال المستعملة كل سنة في البناء في المغرب، أي ما يعادل 10 ملايين متر مكعب، يتم جلبها بشكل غير قانوني.
ويذكر تقرير الأمم المتحدة أن الرمال هي المورد الطبيعي الأكثر استغلالاً في العالم بعد المياه، وهي مكوّن أساسي لصناعة الخرسانة. ويتم جرفها من الوديان والشواطئ في مختلف أنحاء العالم، سواء بطريقة قانونية أو غير قانونية.
وتستهلك مشاريع البناء «المرتبطة بالمنشآت السياحية» الرمال التي يتم جرفها أو اقتلاعها في المغرب، بحسب التقرير الأممي. وينتج عن هذا الاستغلال المفرط استنزاف السواحل وتقلص مساحات الشواطئ. ويحذّر التقرير من أن الاستمرار في هذا النوع من المشاريع السياحية يمكن أن يؤدي إلى «تخريب أهم عامل جذب طبيعي للسياح، أي الشواطئ».
ويعاقب القانون المغربي بالحبس من سنة إلى 5 سنوات على استغلال الرمال بشكل غير قانوني. لكن نهب الشواطئ لا يزال مستمراً على طول السواحل المغربية الممتدة على 3500 كيلومتر، بما فيها سواحل الصحراء الغربية، وهي المنطقة المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو.
وينبه ناشط في جمعية بيئية إلى أن «الرمال تكاد تختفي بالكامل من بعض شواطئ الشمال، ويوجد ضغط كبير على شواطئ طنجة جراء تكاثر المشاريع العقارية».
ويورد تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة نموذج شاطئ واسع ما بين مدينتي آسفي والصويرة جنوباً، حولته «مافيا الرمال» إلى بساط صخري.
وتختلف وسائل نقل الرمال المنهوبة باختلاف مستوى النهب، بين من ينقلها على ظهور الحمير أو الدراجات ثلاثية العجلات أو الشاحنات. ولا يقتصر نهب الرمال على «المافيات» العاملة خارج القانون، بل يطال كذلك بعض الأعيان أو البرلمانيين أو العسكريين المتقاعدين الذين يتوفرون على تراخيص قانونية لكنهم يتجاوزون الأحجام المسموح بها.
ويتحدث مدير مقاولة متخصصة في جرف الرمال، رافضاً الكشف عن اسمه، عن «مافيا جد منظمة لا تدفع أي ضرائب»، منبهاً إلى أنها تبيع رملاً «لا يخضع للمعالجة والتصفية من الملح»، ولا يطابق بذلك المعايير الضرورية في مواد البناء. ويتابع: «تستفيد عناصر هذه المافيا من الحماية على كل المستويات، لا يدفعون شيئاً وكل تعاملاتهم تجري نقداً من دون أي أثر، يتم تبييض الكثير من الأموال في هذه التجارة غير القانونية».
ولا يخفي نشطاء حماية البيئة قلقهم من حجم هذه الظاهرة، على رغم أن السلطات المغربية تجعل حماية البيئة من بين أولوياتها. كما أنها كثّفت سياسة التواصل حول هذا الموضوع، خصوصاً منذ استضافة المغرب مؤتمر الأطراف الثاني والعشرين حول المناخ عام 2017.
وتؤكد كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة نزهة الوافي لوكالة «فرانس برس»: «وجود مخطط وطني لحماية السواحل قيد التفعيل». وتعد كذلك بتبني «آليات تقييم، مع برامج حماية وتثمين الموارد»، من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل. (عن "الحياة")
الصورة: شاطئ في المغرب. (أ ف ب)